فصل: السنة الثالثة عشرة من خلافة الآمر منصور

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 السنة الثالثة عشرة من خلافة الآمر منصور

وهي سنة ثمان وخمسمائة

فيها واطأ لؤلؤ خادم رضوان على قتل ابن أستاذه ألب أرسلان ففتكوا به في قلعة حلب‏.‏

وفيها نزل الأمير نجم الدين إيلغازي بن أرتق على حمص وفيها خير خان بن قراجا وكان عادة نجم الدين إذا شرب الخمر وتمكن منه أقام أيامًا مخمورًا لا يفيق لتدبيره ولا يستأمر في أمور‏.‏

وعرف منه خير خان هذه العادة فتركه حتى سكر فهجم عليه برجاله وهو في خيمته فقبض عليه وحمله إلى قلعة حمص وسجنه بها أيامًا حتى أرسل إليه طغتكين يوبخه ويلومه فأطلقه‏.‏

وفيها هلك بغدوين الفرنجي صاحب القدس من جرح أصابه في وقعة طبرية وأراح الله المسلمين منه ومصيره إلى سقر‏.‏

وفيها قتل الأمير أحمد يل الروادي صاحب مراغة قتله باطني ضربه بسكين في دار السلطان محمد شاه ببغداد‏.‏

وكان شجاعًا جوادًا وكان يركب في خمسة آلاف فارس‏.‏

وكان إقطاعه أربعمائة ألف دينار في السنة‏.‏

وفيها توفي علي بن محمد بن محمد بن محمد بن جهير الصاحب أبو القاسم الوزير ابن الوزير وزر لجماعة من الخلفاء غير مرة‏.‏

ومات في سابع عشرين شهر ربيع الأول‏.‏

وكان وزيرًا عاقلًا حليمًا سديد الرأي حسن التدبير والثبات من بيت رياسة ووزارة‏.‏

وفيها توفي الشريف الحسيب النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني خطيب دمشق في شهر ربيع الآخر‏.‏

وكان فاضلًا فصيحًا خطيبًا‏.‏

فيها توفي الحافظ الفقيه أبو عبد لله أحمد بن محمد بن عبد الله الخولاني القرطبي كان عالم بلاده ومفتيها‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبع أذرع وأربع عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وعشر أصابع‏.‏

السنة الرابعة عشرة من خلافة الآمر منصور فيها صالح الأفضل أمير الجيوش مدبر مملكة الآمر صاحب الترجمة بردويل الفرنجي صاحب القدس‏.‏

وكان بردويل قد أخذ قافلة عظيمة من المسلمين بالسبخة المعروفة الآن بسبخة بردويل‏.‏

فرأى الأفضل مهادنته لعجزه عنه وأمر الناس بذلك وساروا إلى الشام وغيره‏.‏

وفيها توفي علي بن جعفر بن القطاع أبو القاسم السعدي الصقلي من أولاد كبار علماء صقلية وقدم مصر ومدح الأفضل أمير الجيوش‏.‏

وكان شاعرًا بارعًا‏.‏

ومن شعره‏:‏ الطويل ألا فليوطن نفسه كل عاشق على سبعة محفوفة بغرام رقيب رواش كاشح ومفند ملح ودمع واكف وسقام وفيها توفي محمد بن علي - وقيل محمد بن محمد - بن صالح الشيخ الأديب أبو يعلى العباسي المعروف بابن الهبارية الشاعر البغدادي‏.‏

كان فيه إقدام بالهجو على أرباب المناصب‏.‏

وقدم أصبهان وبها السلطان ملكشاه السلجوقي ووزيره نظام الملك حسن الطوسي فدخل على النظام المذكور ومعه رقعتان رقعة فيها هجوه والأخرى فيها مدحه فأعطاه التي فيها الهجو يظن أنها التي فيها المدح‏.‏

وكان الهجو‏:‏ الكامل لا غرو أن ملك ابن إس - - حاق وساعده القدر وصفا لدولته وخ - - ص أبا المحاسن بالكدر - وأبو المحاسن الذي أشار إليه كان صهر نظام الملك وكان بينهما عداوة - فكتب نظام الملك‏:‏ يصرف لهذا القواد رسمه مضاعفًا‏.‏

ثم هجاه بعد ذلك فأهدر دمه‏.‏

قال العماد الكاتب‏:‏ كان ابن الهبارية من شعراء نظام الملك غلب على شعره الهجاء والهزل والسخف وسلك في قالب ابن حجاج وفاقه في الخلاعة والمجون‏.‏

ومن شعره أيضًا‏:‏ الكامل وإذا البيادق في الدسوت تفرزنت فالرأي أن يتبيدق الفرزان وإذا النفوس مع الدنو تباعدت فالحزم أن تتباعد الأبدان خذ جملة البلوى ودع تفصيلها ما في البرية كلها إنسان قلت‏:‏ وابن الهبارية هذا هو صاحب لا الصادح والباغم‏.‏

وفيها توفي الحافظ البارع أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الهمذاني بهمذان‏.‏

كان إمامًا حافظًا سمع الكثير ورحل البلاد وحدث وكار من أوعية العلم‏.‏

وفيها توفي - في قول الذهبي - الأمير يحيى بن تميم بن المعز بن باديس صاحب بلاد المغرب‏.‏

وقد تقدم ذكر أبيه وجده في هذا الكتاب‏.‏

كان ملك بعد أبيه تميم في سنة اثنتين وخمسمائة إلى أن مات في هذه السنة رحمه الله‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ السنة الخامسة عشرة من خلافة الآمر منصور وهي سنة عشر وخمسمائة‏.‏

فيها قتل الأمير لؤلؤ الذي كان قتل ابن أستاذه ألب أرسلان‏.‏

والصحيح أنه قتل في الآتية‏.‏

وفيها حج بالناس أمير الجيوش الجيوشي الحبشي المستظهري العباسي ودخل مكة وعلى رأسه الأعلام وخلفه الكوسات والبوقات والسيوف في ركابه وقصد بذلك إذلال أمير مكة والسودان فوقع له بمكة أمور ولم يقاومه أحد‏.‏

وفيها توفي محمد بن علي بن ميمون الحافظ أبو الغنائم بن النرسي الكوفي محدث مشهور ويعرف بأبي لأنه كان جيد القراءة وسمع الحديث الكثير وساق البلاد وختم به علم الحديث بالكوفة‏.‏

قال محمد بن ناصر‏:‏ ما رأيت مثل أبي الغنائم في ثقته وحفظه ما كان أحد يقدر أن يدخل في حديثه ما ليس منه‏.‏

وعاش ستًا وثمانين سنة‏.‏

وفيها توفي محفوظ بن أحمد بن الحسن أبو الخطاب الكلواذاني الفقيه الحنبلي‏.‏

تفقه على القاضي أبي يعلى وسمع الحديث وأفتى ودرس وصنف الهداية وغيرها وشهد عند قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني الحنفي‏.‏

وكان فاضلًا شاعرًا‏.‏

وله قصيدة من جنس العقيدة أولها‏:‏ دع عنك تذكار الخليط المنجد والشوق نحو الآنسات الخرد والنوح في أطلال سعدى إنما تذكار سعدى شغل من لم يسعد وله أيضًا من غير هذه القصيدة‏:‏ الوافر لئن جار الزمان علي حتى رماني منه في ضنك وضيق فإني قد خبرت له صروفًا عرفت بها عدوي من صديقي ومات وله ثمان وسبعون سنة‏.‏

وفيها توفي المسند المعمر أبو بكر عبد الغفار بن محمد الشيروبي مسند نيسابور في ذي الحجة وله ست وتسعون سنة ورحل إليه الناس من الأقطار‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبع أذرع وتسع عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وست أصابع‏.‏

السنة السادسة عشرة من خلافة الآمر منصور وهي سنة إحدى عشرة وخمسمائة‏.‏

فيها زلزلت بغداد يوم عرفة زلزلة عظيمة ارتجت لها الدنيا فكانت الحيطان تذهب وتجيء ووقع الدور على أهلها فمات تحتها خلق كثير‏.‏

ثم كان عقبها موت السلطان محمد شاه السلجوقي ثم موت الخليفة المستظهر العباسي في السنة الآتية وحارب دبيس بن مزيد الخليفة المسترشد بالله وغلت الأسعار حتى بلغ الكر القمح أو الدقيق ثلاثمائة دينار وفقد أصلًا ومات الناس جوعًا وأكلوا الكلاب والسنانير‏.‏

ثم جاء سيل عظيم فأخرب سنجار‏.‏

قال ذلك صاحب مرآة الزمان‏.‏

وفيها نزل آق سنقر البرسقي على حلب وبها يارقتاش الخادم بعد لؤلؤ فحاصرها فلم يظفر منه بطائل وعاد إلى الموصل‏.‏

وفيها توفي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان أبو علي الكاتب سبط هلال ابن المحسن الصابئ المقدم ذكره مات في شوال ودفن بداره بالكرخ‏.‏

وكان فاضلًا فصيحًا شاعرًا إلا أنه كان شيعيًا رافضيًا‏.‏

ومن شعره‏:‏ السريع لي أجل قدره خالقي نعم ورزق أتوفاه حتى إذا استوفيت منه الذي قدر لي لم أتعداه وفيها توفي السلطان محمد شاه ابن السلطان ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقماق أبو شجاع غياث الدين السلجوقي‏.‏

كان ملكًا عادلًا مهيبًا شجاعًا كريمًا‏.‏

خرج في السنة الماضية إلى أصبهان فمرض بها مرضًا طال به إلى أن مات في حادي عشر ذي الحجة وعمره سبع وثلاثون سنة ومدة ملكه بعد وفاة أخيه بركياروق اثنتا عشرة سنة‏.‏

وخلف خمسة أولاد‏:‏ مسعودًا ومحمودًا وطغرل وسليمان وسلجوق‏.‏

وولي السلطنة من بعده ولده محمود‏.‏

وفيها توفي يمن بن عبد الله الخادم أبو الخير الحبشي خادم المستظهر العباسي‏.‏

كان مهيبًا جوادًا حسن التدبير ذا رأي وفطنة مات بأصبهان‏.‏

وفيها توفي المحدث الفاضل أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف راوي سنن الدار قطني‏.‏

كان من كبار المحدثين‏.‏

وفيها توفي الشيخ الإمام الفقيه الواعظ الحافظ أبو زكرياء يحيى بن عبد الوهاب بن منده بأصبهان‏.‏

سمع الكثير ورحل البلاد وبرع في فنون وحدث وروى عنه غير واحد‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبع أذرع واثنتا عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وتسع عشرة إصبعًا‏.‏

السنة السابعة عشرة من خلافة الآمر منصور فيها في يوم الجمعة ثالث عشرين المحرم خطب ببغداد لمحمود بن محمد شاه السلجوقي بعد موت أبيه على المنابر‏.‏

وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين المستظهر بالله أبو العباس أحمد ابن الخليفة المقتدي بالله أبي القاسم عبد الله ابن الأمير محمد الذخيرة ابن الخليفة القائم بأمر الله أبي جعفر عبد الله ابن الخليفة القادر بالله أحمد ابن الأمير إسحاق ابن الخليفة المقتدر بالله جعفر ابن الخليفة المعتضد بالله أبي العباس أحمد ابن الأمير الموفق طلحة ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد بالله هارون بن الخليفة المهدي بالله محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي ابن عبد الله بن عباس العباسي الهاشمي البغدادي‏.‏

وأمه أم ولد تركية تسمى الطن‏.‏

بويع بالخلافة بعد موت أبيه المقتدي بالله في ثامن عشر المحرم سنة تسع وثمانين وأربعمائة وعمره سبع عشرة سنة وشهران‏.‏

وكان ميمون الطلعة حميد الأيام‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ كان لين الجانب كريم الأخلاق يسارع في أعمال البر وكانت أيامه أيام سرور للرعية فكأنها من حسنها أعياد‏.‏

وكان حسن الخط جيد التوقيعات لا يقاربه فيها أحد تدل على فضل غزير وعلم واسع‏.‏

ومات بعلة التراقي وهي دمل يطلع في الحلق‏.‏

ومن شعره‏:‏ البسيط أذاب حر الهوى في القلب ما جمدا يوم مدت إلى رسم الوداع يدا وكانت خلافته خمسًا وعشرين سنة وأيامًا‏.‏

ولم تصف له الخلافة بل كانت أيامه مضطربة كثيرة الحروب‏.‏

وتولى الخلافة من بعده ابنه المسترشد‏.‏

وفيها خرجت والدة السلطان محمود بن محمد شاه من أصبهان إلى السلطان سنجر شاه فلقيها ببلخ فأكرمها‏.‏

فقالت له‏:‏ أدرك ابن أخيك وإلا تلف فإن الأموال قد تمزقت والبلاد قد أشرفت على الأخذ وهو صبي وحوله من يلعب بالملك‏.‏

فقال لها‏:‏ سمعًا وطاعة‏.‏

وكان وزير محمود ومدبر مملكته أبو القاسم وكان سيئ التدبير ظالمًا وكان يخاف من مجيء سنجر شاه المذكور إلى البلادة فأنفق ما في خزائن محمد شاه في أربعة أشهر وباع الجواهر والأثاث وأنفقه في العساكر فلم يفده ذلك على ما سيأتي ذكره‏.‏

وفيها توفي بكر بن محمد بن علي بن الفضل بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم الإمام الفقيه الحافظ المحدث أبو الفضل الأنصاري الزرنجري - وزرنجر‏:‏ قرية على خمسة فراسخ من بخارى - سمع الحديث الكثير من جماعة كثيرة وتفرد بالرواية عن جماعة منهم لم يحدث عنهم غيره‏.‏

وكان بارعًا في الفقه يضرب به المثل ويقولون‏:‏ هو أبو حنيفة الصغير‏.‏

وكان إذا طلب منه أحد من المتفقهة الدرس ألقى عليه من أي موضع أراد من غير مطالعة ولا نظر في كتاب وكان إذا أشكل على الفقهاء شيء رجعوا إلى قوله ونقله‏.‏

وفيها توفي الحسين بن محمد بن علي بن الحسن الإمام العلامة أبو طالب الزينبي الحنفي فريد عصره‏.‏

ولد سنة عشرين وأربعمائة وقرأ القرآن وسمع الحديث وبرع في الفقه وأفتى ودرس‏.‏

انتهت إليه رياسة السادة الحنفية في زمانه ببغداد ولقب بنور الهدى‏.‏

وترسل إلى ملوك الأطراف من قبل الخليفة وولي نقابة الطالبيين والعباسيين‏.‏

وكان شريف النفس والحسب كثير العلم جليل القدر‏.‏

ومات يوم الاثنين حادي عشر صفر وصلى عليه ابنه القاسم وحمل إلى قبة أبي حنيفة فدفن داخل القبة وله اثنتان وتسعون سنة‏.‏

وكان سمع من غيلان وغيره وانفرد ببغداد بروايته صحيح البخاري عن كريمة بنت أحمد‏.‏

وفيها توفي محمد بن عتيق بن محمد التميمي القيرواني‏.‏

قدم الشام مجتازًا إلى العراق‏.‏

وكان يقرئ علم الكلام بالنظامية وكان يحفظ كتاب سيبويه‏.‏

وسمع يومًا قائلًا ينشد أبيات أبي العلاء المعري‏:‏ الطويل ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة وحق لسكان البسيطة أن يبكوا وتحطمنا الأيام حتى كأننا زجاج ولكن لا يعاد لنا سبك فقال مجيبا‏:‏ الطويل كذبت وبيت الله حلفة صادق سيسبكنا بعد النوى من له الملك وفيها توفي أبو الفضل بن الخازن الشاعر المشهور‏.‏

كان دينًا فاضلًا شاعرًا‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبع أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وأربع أصابع‏.‏

السنة الثامنة عشرة من خلافة الآمر منصور وهي سنة ثلاث عشرة وخمسمائة‏.‏

فيها قدم السلطان سنجر شاه السلجوقي الري وملكها واصطلح مع ابن أخيه محمود بن محمد شاه بعد حروب وزوجه ابنته وأقره على ملكه‏.‏

وفيها وقعت المباينة بين الآمر خليفة مصر أعني صاحب الترجمة وبين مدبر مملكته الأفضل ابن أمير الجيوش واحتجب الآمر عنه وتعلل بمرض‏.‏

واجتهد الأفضل أن يغتاله بالسم فلم يقدر ودس إليه السم مرارًا فلم يصل إليه‏.‏

وكان للآمر قهرمانة كاتبة فاضلة تعرف أنواع العلوم‏:‏ الطب والنجوم والموسيقى حتى كانت تعمل التحويلات وتحكم على الحوادث فاحترزت على الآمرة ولم تزل تدبر على الأفضل ابن أمير الجيوش حتى قتل حسب ما يأتي ذكره‏.‏

قال ابن القلانسي‏:‏ وفيها ظهرت صور الأنبياء عليهم السلام‏:‏ الخليل وولديه إسحاق ويعقوب صلوات الله عليهم وهم مجتمعون في مغارة بأرض بيت المقدس وكأنهم أحياء لم يبل لهم جسد ولا رم لهم عظم وعليهم قناديل من ذهب وفضة معلقة فسدوا باب المغارة وأبقوا على حالهم‏.‏

وفيها توفي علي بن محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الملك بن حمويه قاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني الحنفي‏.‏

ولد في رجب سنة تسع وأربعين وأربعمائة وقلد القضاء وهو ابن ست عشرة سنة بعد موت أبيه وولي القضاء لأربعة خلفاء‏.‏

وهذا لم يقع لغيره إلا للقاضي شريح‏.‏

وأما القاضي أبو طاهر محمد بن أحمد الكوفي فذاك ولي لخمسة خلفاء‏.‏

قلت‏:‏ الشيء بالشيء يذكر وهذا قاضي قضاة زماننا جلال الدين عبد الرحمن بن عمر البلقيني ولي القضاء لستة سلاطين‏:‏ الناصر فرج والمنصور عبد العزيز ابني الظاهر برقوق والخليفة المستعين بالله العباسي والمؤيد شيخ وابنه المظفر أحمد والظاهر ططر‏.‏

ووقع مثل هذا كثير في آخر الزمان والمقصود غير ذلك‏.‏

وكان الدامغاني إمامًا عالمًا عفيفًا دينًا معظمًا عند الخلفاء والملوك‏.‏

وناب عن الوزارة وانفرد بأخذ البيعة للخليفة المسترشد‏.‏

وكان ذا مروءة وصدقات وإحسان ومعرفة بصناعتي القضاء والشروط‏.‏

ومات ليلة رابع عشر المحرم ودفن في مشهد أبي حنيفة - رضي الله عنه - وعاش ثلاثًا وستين سنة وأشهرًا‏.‏

ولي القضاء منها تسعًا وعشرين سنة وخمسة أيام‏.‏

وسمع الحديث من القاضي أبي يعلى الفراء والخطيب وغيرهما وكان صدوقًا ثقة‏.‏

وفيها توفي الإمام العلامة أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الحنبلي شيخ الحنابلة في عصره‏.‏

كان إمامًا عالمًا صالحًا مفتنًا ومات ببغداد وله اثنتان وثمانون سنة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع واثنتان وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وسبع أصابع‏.‏

السنة التاسعة عشرة من خلافة الآمر منصور وهي سنة أربع عشرة وخمسمائة‏.‏

فيها خطب ببغداد لسنجر شاه السلجوقي ولابن أخيه محمود بن محمد شاه جميعًا في المحرم ولقب سنجر شاه بالسلطان عضد الدولة ومحمود بجلال الدولة‏.‏

وفيها توفي الحسين بن علي بن محمد الإمام العلامة مؤيد الدين الطغرائي الكاتب وزير السلطان محمود بن محمد شاه السلجوقي المقدم ذكره والطغرائي هذا جد محمد بن الحسين وزير الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب‏.‏

وكان السلطان محمود نسب خروج أخيه مسعود عليه إلى الطغرائي فقتله‏.‏

وقال الذهبي‏:‏ وزير السلطان مسعود قتل في المصاف بين مسعود وأخيه محمود‏.‏

وكان أفصح الفصحاء وأفضل الفضلاء وأمثل العلماء وهو صاحب لامية العجم وديوانه مشهور بأيدي الناس‏.‏

ومن شعره يمدح الوزير نظام الملك على قافيتين‏:‏ مجزوء الكامل يا أيها المولى الذي اص - - طنع الورى شرقًا وغربا والقصيدة كلها على هذا المنوال‏.‏

ومن شعره أيضًا‏:‏ السريع قوموا إلى لذاتكم يا نيام ونبهوا العود وصفوا المدام هذا هلال الفطر قد جاءنا بمنجل يحصد شهر الصيام وفيها توفي الحافظ أبو منصور محمود بن إسماعيل الأشقر الأصبهاني عالم أصبهان ومحدثها مات في ذي القعدة‏.‏

وفيها توفي الشيخ الإمام المقرئ أبو الحسن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع الأندلسي المري المقرئ المجود‏.‏

كان رأسًا في علوم القرآن وأفاد وأقرأ سنين‏.‏

وفيها توفي الشيخ أبو الحسن علي بن الحسن بن الموازيني العالم المحدث المشهور‏.‏

الماء القديم تسع أذرع واثنتا عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا لإصبع واحدة‏.‏

السنة العشرون من خلافة الآمر منصور وهي سنة خمس عشرة وخمسمائة‏.‏

فيها كتب الخليفة المسترشد بالله العباسي والسلطان محمود بن محمد شاه السلجوقي إلى إيلغازي يأمرانه بإبعاد دبيس بن صدقة وفسخ الكتاب الذي عقده له على ابنته‏.‏

وفيها توفي عبد الرزاق بن عبد الله بن علي بن إسحاق الطوسي ابن أخي نظام الملك‏.‏

كان فاضلًا تفقه على أبي المعالي الجويني وأفتى وناظر ووزر للسلطان سنجر شاه السلجوقي‏.‏

ومات بنيسابور‏.‏

وفها توفي محمد بن محمد بن عبد العزيز أبو علي بن المهتدي الخطيب‏.‏

كان فاضلًا شهد عند القاضي أبي عبد الله الدامغاني الحنفي وكان ظريفًا صالحًا دينًا‏.‏

ومات في شوال ودفن بباب حرب من بغداد‏.‏

وفيها قتل الأفضل شاهنشاه أمير الجيوش أبو القاسم بن أمير الجيوش بدر الجمالي الأرمني وزير مصر ومدبر ممالكها‏.‏

ولي مملكة مصر بعد موت أبيه بدر الجمالي في أيام المستعلي إلى أن مات المستعلي فأقام الأفضل هذا ولده مكانه في الخلافة ولقبه بالآمر أعني صاحب الترجمة ودبر لدولته وحجر عليه‏.‏

وكان الخليفة المستنصر جد الآمر هذا وولده المستعلي والد الآمر كلاهما أيضًا تحت حجر بدر الجمالي والد الأفضل هذا‏.‏

فلما ملك الأفضل سار على سيرة أبيه مع الخلفاء من الحجر والتضييق عليهم‏.‏

وزاد الأفضل هذا في حق الآمر صاحب الترجمة حتى إنه منعه من شهواته وأراد قتله بالسم‏.‏

فحمله ذلك على قتله واتفق الآمر مع جماعة وكان الأفضل يسكن بمصر فلما ركب في غير موكب وثبوا عليه وقتلوه في سلخ شهر رمضان بعد أمور وقعت‏.‏

وخفف الأفضل من الأموال والنقود والقماش والمواشي ما يستحيا من ذكره كثرة‏.‏

وقد ذكرنا ذلك في كتاب الوزراء وهو محل الإطناب في الوزراء وليس لذكره هنا محل‏.‏

والمقصود في هذا الكتاب تراجم ملوك مصر لا غير وما عدا ذلك يكون على سبيل الاستطراد‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ كانت ولايته يعني الأفضل ثمانيًا وعشرين سنة وكان حسن السيرة عادلًا‏.‏

ثم أخذ في تعداد أمواله‏.‏

وفيها توفي الإمام الحافظ المحدث أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي المعروف بابن الفراء‏.‏

كان إمامًا حافظًا رحل إلى البلاد وسمع الكثير وحدث وألف وصنف‏.‏

وكان يقال له محيي السنة‏.‏

ومات في شوال‏.‏

وفيها توفي الحافظ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عمر السمرقندي الإمام الحافظ المشهور‏.‏

سمع الكثير وروى عنه غير واحد وكان صدوقًا ثقة دينًا‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبع أذرع وأربع أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وعشر أصابع وقيل‏:‏ خمس أصابع‏.‏

السنة الحادية والعشرون من خلافة الآمر منصور وهي سنة ست عشرة وخمسمائة‏.‏

فيها كانت وقعة عظيمة بين الأمير إيلغازي بن أرتق صاحب ماردين وبين الكفار على تفليس فعاد مريضًا فمات بعد أيام‏.‏

ذكر وفاته - هو نجم الدين إيلغازي بن أرتق صاحب ماردين وديار بكر وحلب وهو ثالث من ظهر أمره من ملوك بني أرتق الأعيان‏.‏

وكان ملكًا شجاعًا جوادًا له غزوات ومواقف مشهورة مع الفرنج‏.‏

وكانت وفاته في هذه السنة عند عوده من تفليس بميافارقين في شهر رمضان‏.‏

وذكر الذهبي وفاته في الخالية والأصح ما قلناه فإنه عاد إلى ميافارقين مريضًا فنزل بظاهرها ومعه زوجته الخاتون بنت الأمير ظهير الدين طغتكين صاحب دمشق فمات يوم الخميس سابع عشر شهر رمضان في قرية تعرف بالفحول فحمل تابوته إلى ميافارقين‏.‏

وكان عنده ابنه شمس الدولة سليمان فاستولى على ميافارقين واستولى ابنه الآخر حسام الدين تمرتاش على ماردين‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان أبو محمد والد أبي اليسر شاكر التنوخي المعري‏.‏

ولد بالمعرة وقرأ الأدب وقال الشعر‏.‏

ومن شعره‏:‏ الكامل يا من تنكب قوسه وسهامه وله من اللحظ السقيم سيوف يغنيك عن حمل السلاح إلى العدا أجفانك المرضى وهن حتوف وفيها توفي عبد الله بن يحيى بن البهلول الأندلسي‏.‏

كان أصله من مدينة سرقسطة من الغرب وكان فاضلًا أديبًا شاعرًا‏.‏

ومن شعره قوله‏:‏ الطويل ولست بمن يبغي على الشعر رشوة أبى ذاك لي جد كريم ووالد وإني من قوم قديمًا ومحدثًا تباع عليهم بالألوف القصائد وفيها توفي الحسين بن مسعود بن محمد الشيخ الإمام العلامة أبو محمد البغوي الشافعي المعروف بابن الفراء الفقيه المحدث المفسر‏.‏

وقد تقدم ذكر وفاته في الماضية‏.‏

والصحيح أنه مات في هذه السنة‏.‏

وهو مصنف شرح السنة ومعالم التنزيل والمصابيح وكتاب التهذيب في الفقه والجمع بين الصحيحين‏.‏

وكان أبوه يعمل الفراء ويبيعها‏.‏

ومات بمرو الروذ في شوال‏.‏

وفيها توفي عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن خلف أبو القاسم الصقلي المقرئ المجود المعروف بابن الفخام مصنف التجريد في القراءات السبع‏.‏

كان من كبار شيوخ القراء سكن الإسكندرية وقصده الناس من النواحي لعلو إسناده وإتقانه‏.‏

وفيها توفي القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الشيخ العلامة الأديب اللغوي النحوي أبو محمد البصري الحراي الحريري مصنف المقامات‏.‏

كان يسكن بني حرام أحد محال البصرة مما يلي الشط‏.‏

مولده ومرباه بقرية المشان من أعمال البصرة في حدود سنة ست وأربعين وأربعمائة وكان أحد أئمة عصره في الأدب والبلاغة والفصاحة وله مصنفات كثيرة منها كتاب المقامات الذي لا نظير له في معناه وقد سلك فيه منوال بديع الزمان صاحب المقامات الذي عملها قبل الحريري وقد تقدم ذكره في هذا الكتاب في محله‏.‏

وفي مقامات الحريري هذا يقول إمام الدنيا محمود الزمخشري‏:‏ السريع أقسم بالله وآياته ومعشر الحج وميقاته إن الحريري حري بأن نكتب بالتبر مقاماته لا تخطون إلى خطء ولا خطأ من بعدما الشيب في فوديك قد وخطا وأي عذر لمن شابت ذوائبه إذا سعى في ميادين الصبا وخطا وقد أرخ الذهبي وفاته في السنة الماضية‏.‏

والله أعلم‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع وست وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وثلاث أصابع‏.‏

السنة الثانية والعشرون من خلافة الآمر منصور وهي سنة سبع عشرة وخمسمائة‏.‏

فيها قبض السلطان محمود السلجوقي على وزيره عثمان بن نظام الملك وبعث الخليفة بعزل أخيه أحمد عن وزارته‏.‏

فبلغ أحمد فانقطع عن الديوان‏.‏

وفيها سار الأمير نور الدولة بلك ابن بهرام بن أرتق إلى غزو مدينة الرهاء في شهر رجب‏.‏

وفيها توفي الأمير الحاجب فيروز شحنة دمشق‏.‏

وكان أميرًا صالحًا دينًا وله آثار جميلة بدمشق وغيرها‏.‏

وفيها توفي أحمد بن محمد بن علي أبو عبد الله بن الخياط التغلبي الدمشقي الكاتب الشاعر المجيد طاف البلاد ومدح الأكابر والملوك قيل‏:‏ إنه دخل حلب في حداثة سنه فقصد دار أبي الفتيان بن حيوس الشاعر وقد أسن قال‏:‏ فدخلت عليه فقال‏:‏ من أين أنت فقلت‏:‏ من دمشق‏.‏

فقال‏:‏ ما صناعتك قلت‏:‏ الشعر‏.‏

قال‏:‏ فأنشدني من شعرك‏.‏

فأنشدته قولي‏:‏ الكامل لم يبق عندي ما يباع بحبة وكفاك شاهد منظري عن مخبري إلا صبابة ماء وجه صنتها من أن تباع وأين أين المشتري قال‏:‏ نعيت إلي نفسي‏.‏

قلت‏:‏ ولم قال‏:‏ لأن الشام لا تخلو من شاعر مجيد ولا يجتمع فيها شاعران وأنت موازني في هذه الصناعة‏.‏

ثم أعطاني دنانير وكسوة‏.‏

ومن شعره أيضًا قوله في جواب كتاب‏:‏ البسيط وافى كتابك أسنى ما يعود به وفد المسرة مني إذ يوافيني فظلت أطويه من شوق وأنشره والشوق ينشرني فيه ويطويني وفيها قتل الوزير عثمان بن نظام الملك‏.‏

كان استوزره السلطان محمود بن محمد شاه السلجوقي فبعث عمه سنجر شاه السلجوقي يطلبه‏.‏

فقال أبو نصر المستوفي‏:‏ متى بعثت به حيًا إلى عمك سنجر شاه لم تأمنه اقتله وابعث إليه برأسه‏.‏

فبعث عنبرًا الخادم إليه ليقتله‏.‏

فعرف عثمان وقال‏:‏ أمهلني حتى أصلي ركعتين فقام وصلى وقال لعنبر‏:‏ أرني سيفك ما أراه إياه سيفي أمضى منه فلا تقتلني إلا به وناوله إياه فقتله به‏.‏

فلما كان بعد قليل بعث السلطان محمود إلى أبي نصر المستوفي من فعل به كذلك وذبحه ذبح الشاة‏.‏

قلت‏:‏ الجزاء من جنس العمل‏.‏

وفيها توفي عبد المنعم بن حفاظ بن أحمد بن خلف المحدث أبو البركات الأنصاري الدمشقي ويعرف بابن البقلي‏.‏

كان جوادًا فاضلًا سمع الكثيرة واستوزره خير خان بن قراجا صاحب حمص ثم بلغه أنه كاتب طغتكين صاحب دمشق فقبض عليه وكحله فرجع إلى دمشق أعمى فأقام بها حتى مات‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثماني أذرع وعشر أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وعشر أصابع‏.‏

السنة الثالثة والعشرون من خلافة الآمر منصور وهي سنة ثماني عشرة وخمسمائة‏.‏

فيها عزم دبيس على قصد بغداد وكان دبيس قد ألتجأ إلى طغرل بن محمد شاه السلجوقي‏.‏

فتأهب الخليفة المسترشد بالله للقائهما وجمع الجيوش من كل جانب ثم ترك دبيس المجيء في هذه السنة لأمر ما‏.‏

وفيها كاتب أهل حلب آق سنقر صاحب الموصل‏:‏ فسار إلى حلب فسلمها إليه أهلها وهرب منها الأمير سكمان بن أرتق فساق آق سنقر البرسقي خلفه فلحقه بمنبج فقتله‏.‏

وفيها استولت الفرنج على صور بالأمان بعد أمور وحروب ذكرناها في أول ترجمة الآمر هذا‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن محمد بن علي بن محمد القاضي أبو جعفر الدامغاني الحنفي شهد عند أبيه ثم ولي قضاء الكرخ من قبل أخيه ثم ترك ذلك ورمى الطيلسان وولي حجبة باب النوبي للخليفة وعظم على أخيه‏.‏

وكان فاضلًا كريم الأخلاق حسن العشرة خليقًا بالرياسة‏.‏

وفيها توفي محمد بن نصر بن منصور أبو سعد القاضي الهروي‏.‏

كان في بداءة أمره فقيرًا حتى اتصل بالخليفة وصار سفيرًا بينه وبين الملوك‏.‏

واستشهد هو وولده بهمذان وكانت له اليد الباسطة في النظم والنثر‏.‏

ومن شعره‏:‏ الوافر أودعكم وأودعكم جناني وأنثر دمعتي نثر الجمان وإني لا أريد لكم فراقًا ولكن هكذا حكم الزمان وفيها توفي الفقيه أبو الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسي الشافعي بمصر قاله الذهبي‏.‏

كان فقيهًا أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبع أذرع وأربع وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وأربع عشرة إصبعًا‏.‏